والكرة على عدوكم قال عبد الله بن عمر: فنهض أبو عقيل فقلت: ما تريد، قال: قد فوه المنادى باسمي، فقلت: ما يعنى الجرحى. فقال: أنا من الأنصار، وأنا أجيبه ولو حبوًا. فتحزم وأخذ السيف ثم جعل ينادي: يا آل الأنصار كرة كيوم حنين، قال ابن عمر: فاختلفت السيوف بينهم فقطعت يده المجروحة من المنكب فقلت: أبا عقيل، فقال: لبيك، بلسان ملتاث، لمن الدبرة؟ فقلت: أبشر قد قتل عدو الله. فأخبرت عمر فقال: رحمه الله ما زال يسأل الشهادة ويطلبها. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وصية عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
ولما تجهز الناس وتهيئوا للخروج إلى مؤتة مضوا حتى نزلوا أرض الشام، فبلغهم أن هرقل قد نزل من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضمت إليه المستعربة (من لخم، وجزام وبلقين، وبهرا، وبلى) في مائة ألف، فأقاموا ليلتين ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنخبره (بعدد عدونا) . قال: (فشجع عبد الله بن رواحة الناس، ثم قال: والله يا قوم، إن الذي تكرهون للذي خرجتم له تطلبون الشهادة وما نقاتل العدو بعدة، ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله تعالى به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة. قال: فقال الناس: قد والله صدق ابن رواحة فمضوا.
ولما قدم أبو عون مصر واستولى على البلد أرسل إلى حيوة بن شريح فجاء فقال: إنا معشر الملوك لا نعصى فمن عصانا قتلناه قد وليتك القضاة، قال: أوامر أهلي، قال: اذهب فجاء إلى أهله فغسل رأسه ولحيته ونال شيئا من الطيب ولبس أنظف ما قدر عليه من الثياب ثم جاء فدخل عليه فقال: من جعل السحرة