" فَصْلٌ "

فبينما أَنْتَ تنظر إِلَى قصورك، إذ سمعت جلبتهم وتبشيشهم فاستطرت لِذَلِكَ فرحًا، فينما أَنْتَ فرح ومسرور بغبطتهم لقدومك لما سمعت إجلابهم فرحًا بك، إذ ابتدرت القهارمة إليك، وقامت الولدان صفوفًا لقدومك، فينما أتت القهارمة مقبلة إليك، ذا استخف أزواجك للعجلة، فبعثت كُلّ واحدة منهن بَعْض خدامها لينظر إليك مقبلاً، ويسرع بالرجوع إليها يخبرها بقدومك، لتطمئن إليه فرحًا، وتسكن إِلَى ذَلِكَ سرورًا، فنظر إليك الخدم قبل أن تلقاك قهارمتك.

ثُمَّ بادر رسول كُلّ واحدة منهن إليها فَلَمَّا أخبرها بقدومك، قَالَتْ: كُلّ واحدة لرسولها: أَنْتَ رأيته. من شدة فرحها بذَلِكَ، ثُمَّ أرسلت كُلّ واحدة منهن رسولاً آخر، فَلَمَّا جاءت البشارات بقدومك إليهن، لم يتمالكن فرحًا، فأردن الْخُرُوج إليك مبادرات إِلَى لقائِك لولا أن الله كتب القصر لهن فِي الخيام، إِلَى قدومك، كما قَالَ مليكك: {حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} .

فوضعن أيديهن على عضائد أبوابهن، وأذرعهن برؤوسهن، ينظرون متى تبدو لهن صفحة وجهك، فيسكن طول حنينهن، وشدة شوقهن إليك، وينظرون إِلَى قرير أعينهن، ومعدن راحتهن، وأنسهن إِلَى ولي ربهن وحبيب مولاهن.

فتوهم ما عاينت، حين فتحت أبواب قصورك، ورفعت ستوره، من حسن بهجة مقاصيره، وزينة أشجاره، وحسن رياضه، وتلألؤ صحنه، ونور ساحاته.

فبينما أَنْتَ تنظر إِلَى ذَلِكَ، إذ بادرت البشرى من خدامك ينادون أزواجك هَذَا فلان بن فلان قَدْ دخل من باب قصره، فَلَمَّا سمعن نداء البُشْرَاء بقدومك ودخولك، توثبن من الفرش على الأسرة فِي الحجال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015