الزيغ والكفر والعناد ونسألك أن تغفر لَنَا ولوالدينا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فصل) : فتوهم (أي تصور وتخيل) فرح قلبك حين خرجت مَنْهَا فنظرت إِلَى كمال جمالك، ونضارة وجهك وحسنه، وأَنْتَ عَالِم موقن بأنك تتنظف للدخول إِلَى جوار ربك، ثُمَّ تقصد إِلَى العين الأُخْرَى، فتتناول من بَعْض آنيتها، فتوهم نظرك إِلَى حسن الإناء وإلى حسن الشراب، وأَنْتَ مسرور بمعرفتك إِنَّكَ إنما تشرب هَذَا الشراب لتطهر جوفك من كُلّ غل وجسدك ناعم أبدًا.
حَتَّى إِذَا وضعت الإناء على فيك ثُمَّ شربته، وجدت طعم شراب لم تذق مثله ولم تعود شربه، فيسلس من فيك إِلَى جوفك، فطار قلبك سرورا لما وجدت من لذته، ثُمَّ نقى جوفك من كُلّ آفة، فوجدت لذة طهارة صدرك من كُلّ طبع كَانَ فيه ينازعه إِلَى الغموم والهموم والحرص والشدة والْغَضَب والغل فيا برد طهارة صدرك، ويا روح ذَلِكَ على فؤادك.
حَتَّى إِذَا استكملت طهارة الْقَلْب والبدن، واستكمل أحباء الله ذَلِكَ معك، والله مطلع يراك ويراهم، أمر مولاك الجواد المتحنن خزان الْجَنَّة من الملائكة الَّذِينَ لم يزالوا مطيعين خائفين منه مشفقين وجلين من عقابه إعظاما لَهُ وإجلالاً، وهيبة لَهُ، وحذرًا من نقمة، وأمرهم أن يفتحوا باب جنته لأوليائه، فانحدروا من دارها، وبادروا من ساحتها، وأتوا باب الْجَنَّة فمدوا أيديهم ليفتحوا أبوابها.
وأيقنت بذَلِكَ، فطار قلبك سرورًا، وامتلأت فرحًا، وسمعت حسن صرير أبوابها، فعلاك السرور، وغلب على فؤادك، فيا سرور قُلُوب المفتوح لَهُمْ باب جنة رب العالمين.