فقال: يا أمير المؤمنين إن أبى لم يفعل شيئاً من ذلك.
فالتفت عمر للأب وقال له: "عققت ولدك قبل أن يعقَّك"!!
إن عمر لم يبادر إلى اتهام الابن قبل أن يسأله، وحين سأله صدقه.
قد يقع هذا بين عدوين، بين قرينين في فن واحد، بين زوجين يكره كل منهما الآخر، ولكن لا يتصور أن يقع بين الوالد والولد، ولكنه قد يقع فعلا، حين يفشل الوالد في التربية، وبناء العلاقة الوالدية على أساس من الحب والتفاهم، والأمثلة الواقعية على فساد الحوار بين والد وولد عديدة، ولكن لأدعها إلى نص تاريخي، حمل صورا من الاتصال السلبي؛ كالسخرية، والسباب، والإفحام، والتوقع السئ، والهزيمة الساحقة أمام الولد العاق:
قال الأصمعي: كان رجل من بني تميم يقال له: (حنظلة) وكان له ابن يقال له: (مرة)، وكان يكثر الخلاف عليه، فكان أبوه ربما قاتله، فقال له ذات يوم:
ـ إنك لمر.
ـ أعجبتني حلاوتك يا حنظلة.
ـ اسكت فأنت والله خبيث كاسمك.
ـ أخبث مني والله من أسماني.
ـ فو الله يا بني لقد تشاءمت بك يوم ولدت.
ـ ما ورثته عن كلالة.
ـ ما أظنك من الناس.
ـ من أشبه أباه فما ظلم أمه، والشوك لا يجتنى منه العنب.
ـ لا بل أشبهت أمك عليها لعنة الله.
ـ والله ما كانت بأردأ من زوجها.
ـ ما أحوجك إلى أدب جيد.
ـ أحوج مني إليه من أدبني.