صلاة الجمعة، فالتفت المؤذن إلى المصلين، وقال: إن الإمام لن يأتي، هيا أيها الشاب صِّل بالناس، إن هذا المرشح من المؤذن نفسه، هو ذلك الطفل الذي نهره سابقا (¬3)!!
نعم صغار قوم سيصبحون كبار قوم بإذن الله تعالى.
لقد كان ابن شهاب الزهري ـ رحمه الله ـ يشجع الصغار ويقول: "لا تُحَقِّرُوا أنفسَكم لحداثة أسنانكم؛ فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يتبع حدة عقولهم" (?).
عمر هو الذي تمنى أن يكون ابنه الحدث (عبد الله) قد أجاب لغزا تعليميا للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الذي قال فيه: ((إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المسلم حدثوني ما هي فوقع الناس في شجر البادية ووقع في نفسي أنها النخلة قال عبد الله فاستحييت فقالوا يا رسول الله أخبرنا بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي النخلة قال عبد الله فحدثت أبي بما وقع في نفسي فقال لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا)) (?).
إن عمر بذلك فتح المجال الفسيح أمام ابنه ـ مستقبلا ـ أن يكون ذا حضور فاعل في مجالس الكبار، وألا يمنعه الحياء عن المشاركة، فخرج عبد الله بن عمر أحد أكبر كبار علماء الصحابة رضي الله عنهم.
ومثل ابن عباس رضي الله عنه؛ في الحديث العظيم الذي قدمه فيه النبي صلى الله عليه وسلم على كبار الصحابة؛ عن سهل بن سعد الساعدي رضى الله تعالى عنه ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء، فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر