بخلقه سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم وَهَذِه هِيَ البلية الأولى الَّتِي هِيَ التهجم على نُصُوص الْوَحْي وادعاء أَن ظَاهرهَا تَشْبِيه الْخَالِق بالمخلوق وناهيك بهَا بلية ثمَّ لما تقررت هَذِه البلية فِي أذهانهم وتقذرت قُلُوبهم بأقذار التَّشْبِيه اضطروا بِسَبَبِهَا إِلَى نفي صفة الاسْتوَاء فِرَارًا من مشابهة الْخلق الَّتِي افتروها على نُصُوص الْقُرْآن أَنَّهَا هِيَ ظَاهرهَا وَنفي الصّفة الَّتِي أثنى الله بهَا على نَفسه من غير استناد إِلَى كتاب أَو سنة هُوَ البلية الثَّانِيَة الَّتِي وَقَعُوا فِيهَا فحملوا نُصُوص الْقُرْآن أَولا على معَان غير لائقة بِاللَّه ثمَّ نفوها من أَصْلهَا فِرَارًا من الْمَحْذُور الَّذِي زَعَمُوا والبلية الثَّالِثَة أَنهم يفسرون الصّفة الَّتِي نفوها بِصفة أُخْرَى من تِلْقَاء أنفسهم من غير استناد إِلَى وَحي مَعَ أَن الصّفة الَّتِي فَسرهَا بهَا هِيَ بَالِغَة غَايَة التَّشْبِيه بالمخلوقين فَيَقُولُونَ اسْتَوَى ظَاهره مشابهة اسْتِوَاء المخلوقين فَمَعْنَى اسْتَوَى استولى ويستدلون بقول الراجز فِي إِطْلَاق الاسْتوَاء على الِاسْتِيلَاء ... قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق ... من غير سيف وَدم مهراق ... وَلَا يَدْرُونَ أَنهم شبهوا اسْتِيلَاء الله على عَرْشه الَّذِي زعموه