وَالْأَرْض مِنْهَا أكمل وَأجل وَأعظم من أَن يشبه شَيْئا من صِفَات المخلوقين كَمَا أَن ذَات الْخَالِق جلّ وَعلا حق والمخلوقون لَهُم ذَوَات وَذَات الْخَالِق جلّ وَعلا أكمل وأنزه وَأجل من أَن تشبه شَيْئا من ذَوَات المخلوقين فعلى كل حَال الشَّرّ كل الشَّرّ فِي تَشْبِيه الْخَالِق بالمخلوق وتنجيس الْقلب بقذر التَّشْبِيه فالإنسان الْمُسلم إِذا سمع صفة وصف بهَا الله أول مَا يجب عَلَيْهِ أَن يعْتَقد أَن تِلْكَ الصّفة بَالِغَة من الْجلَال والكمال مَا يقطع علائق أَوْهَام المشابهة بَينه وَبَين صِفَات المخلوقين فَتكون أَرض قلبه طيبَة طَاهِرَة قَابِلَة للْإيمَان بِالصِّفَاتِ على أساس التَّنْزِيه على نَحْو لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير
لَيْسَ ظَاهر الصِّفَات التَّشْبِيه حَتَّى تحْتَاج إِلَى تَأْوِيل وَهنا سُؤال لَا بُد من تَحْقِيقه لطَالب الْعلم أَولا اعلموا أَن الْمُقَرّر فِي الْأُصُول أَن الْكَلَام إِن دلّ على معنى لَا يحْتَمل غَيره فَهُوَ الْمُسَمّى نصا كَقَوْلِه مثلا تِلْكَ عشرَة كَامِلَة [الْبَقَرَة 196] فَإِذا كَانَ يحْتَمل مَعْنيين أَو أَكثر فَلَا يَخْلُو من حالتين إِمَّا أَن يكون أظهر فِي أحد الِاحْتِمَالَيْنِ من الآخر وَأما أَن يتساوى بَينهمَا فَإِن كَانَ الِاحْتِمَال يتساوى بَينهمَا فَهَذَا الَّذِي يُسمى فِي الِاصْطِلَاح الْمُجْمل كَمَا لَو قلت عدا اللُّصُوص البارحة على عين زيد فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن تكون عينه الباصرة عوروها أَو عينه