ويقول أيضاً عند ذكر مقالة نوح لقومه: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} 1 تعريفهم أن هذا الذي استغربوا، ونسبوا من قاله إلى الجهالة والجنون، هو الواجب في العقل، وهو أيضاً حظهم ونصيبهم من الله لأنه سبب الرحمة ففي هذا الكلام من أوله إلى آخره من تحقيق الحق، وذكر أدلته العقلية على تحقيقه، وإبطال الباطل، وذكر الأدلة العقلية على بطلانه، ما لا يخفى على من له بصيرة2.

وعند قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} 3 يقول: ذكر الحكمة في إنزال القرآن على محمد وأنها لبيان المنزل ولتفكرهم 4.

وعند قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى- عَبْداً إِذَا صَلَّى} 5 الآيات يقول: تقرير الشرع بالعقل لقوله: {أَرَأَيْتَ} 6.

وبهذا تتبين منزلة العقل من الشرع، وأهميته، وإيمان الشيخ بذلك وتركيزه عليه، واستنباطه له.

وفي المقابل، وضح الشيخ تمشياً مع القرآن أيضاً التحذير من زلل العقل، وتقديمه على النقل، وتجرده عنه، إذ أن في ذلك مهاوي الردي ومعاطب الهلاك، فقد جعل الله لكل شيء قدرا.

وكثير من الضلالات نتجت من جراء تجاوز العقل حدوده، وخروجه عن مجاله، ودلالة أسمه، إذ الشأن أن يعقل صاحبه لا أن يحمله على أن يجمح ويتعدى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015