إذا لم يجدوا التفسير في القرآن نفسه، أو السنة الصحيحة، أو أقوال الصحابة1، فلا يكاد يخلو كتاب من كتب التفسير من إيراد أقوال التابعين، كمجاهد، وقتادة، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، والضحاك، والحسن البصري، وغيرهم.

وقد حكى الأئمة أقوالهم، لأن غالب تفسيراتهم متلقاة من قبل الصحابة، فقد تلقوا عنهم القرآن وتفسيره، وعايشوا الصحابة، ورأوا أحوالهم، وعرفوا عقيدتهم، ومنهجهم، وأقوالهم، فمجاهد مثلا يقول:- عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها2.

وابن أبي مليكة يقول: رأيت مجاهداً يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس اكتب حتى سأله عن التفسير كله3.

ولهذا كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به4.

وقتادة يقول: ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئاً5.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه في الحث على التفسير على منهج السلف والتحذير من الابتداع وفى الجملة: من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئاً في ذلك، بل مبتدعاً، وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه.

فالمقصود بيان طرق العلم، وأدلته، وطرق الصواب، ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله "صلى الله عليه وسلم" فمن خالف قولهم، وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعاً، ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعيه كما هو مبسوط في موضعه6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015