فإن الوسوسة: الإلقاء الخفي. لكن إلقاء الإنس بواسطة الأذن، والجني لا يحتاج إليها، ونظير اشتراكهما في الوسوسة، اشتراكهما في الوحي الشيطاني في قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} 1.
ثانياً: بيان بعض المعاني المتعلقة بالآية، عن طريق ذكر الآية المقابلة لها، أو التي بينها وبينها مناسبة لإيضاح وجه العلاقة بين تلك الآيات. ويتضح ذلك بالأمثلة التالية من تفسيره:
1- قال عند تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} 2.
ما نصه: ذكره أنه عهد إلى إبراهيم وإسماعيل أن يطهراه لهذه الطائفة، ولذلك أنزل الله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} 3.
2- وقال عند تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} 4 الآية.
ما نصه: ونظيره: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} 5 والله سبحانه يخاطب الموجودين، والمراد آباؤهم، كقوله: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} 6. وقد يستطرد سبحانه من الشخص إلى النوع كقوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} 7 إلى آخره.