ومن دلائله أيضاً قوله عند قول الله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} الآية1.
انهم لما دخلوا على يوسف أوى إليه أبويه كما أوى إليه أخاه يدل على أنه لم يفعل ذلك بإخوته2.
وهذا الاستنباط من خلال تأمل قوله هنا: {آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} مع قوله: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} 3 فمعلوم أنه أول مره لم يؤو إليه بقية إخوته، إذ أن قوله لأخيه: {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 4 يدل على أنه كان بمعزل عنهم، فأسر إليه هذا الأمر دونهم.
فكذا قوله: {آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} كذلك يدل على ما ذكره الشيخ.
وهذا من أحسن الفهم والاستنباط، أعني الفهم الناتج من ضم الآيات بعضها إلى بعض والاستنباط من خلال ذلك.
ومن دلائله أيضاً استنباطه من قوله تعالى إخباراً عن مقالة إخوة يوسف {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} الآية5.
أن هذا يدل على أن أهل مصر لم يعرفوا يعقوب معرفة تامة6.
وهذا الفهم ناتج من خلال النظر في كلام الاخوة، ووصفهم أباهم بالأوصاف المذكورة في الآية، فلو كان يعقوب عليه السلام معروفاً عند أهل مصر معرفة تامة لم يحتاجوا إلى أن يصفوه بهذه الأوصاف، وإنما يكتفون بقولهم: أنه ابن نبي الله يعقوب عليه السلام. أو نحو ذلك.