وأما أصول الفقه:
فإن الشيخ لم يخل تفسيره واستنباطاته منه بل كان ينص أو يشير أحياناً إلى ما تشتمل عليه الآيات أو تشهد له من قواعد أصولية فقهية.
ومن ذلك: قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فيه حجه الإجماع1.
ووجه ذلك- والله أعلم- أن الله علم المؤمنين أن يدعوه بهذا الدعاء -دعاء الفاتحة- أن يهديهم الصراط المستقيم الذي بينه الله تعالى بأنه هو صراط الذين أنعم عليهم بمعرفة الحق، وإيثاره، وتقديمه على غيره. فمن كانت هذه حالهم من الأنعام عليهم فلا ريب أن ما اجتمعوا عليه حجة، وهو ما يدعو المؤمن ربه أن يوفقه إليه.
- ومن الاستنباطات الأصولية الفقهية أيضاً استنباطه ما يشهد للقول بالعموم والعمل به وذلك في مواضع منها:-
قوله: إن الاستدلال بالعموم صحيح2. وذلك في مواضع منها عندما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود، وكان بينهم إبليس، فلم يسجد معهم فعاتبه الله بقوله: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} 3 الآية بعد قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} 4 فأيأسه الله عز وجل.
- ومن استنباطه المسائل الأصولية وشواهدها أيضاً: قوله عند قول الله تعالى إخباراً عن مقالة إخوة يوسف: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} 5 إبطال قياس الشبه6.
وقوله أيضاً عند قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا