شرك ولكن لا يكفر من فعله لكونه يودي الأركان الخمسة، فإذا كان الأنبياء لو يفعلونه كفروا فكيف بغيرهم؟!
الثالثة: أن الذي يكفر به المسلم ليس هو عقيدة القلب خاصة، فإن هذا الذي ذكرهم الله لم يريدوا منه "صلى الله عليه وسلم" تغيير العقيدة كما تقدم، بل إذا إطاعة المسلم من أشار عليه بموافقتهم أجل ماله أو بلده أو أهله مع كونه يعرف كفرهم ويبغضهم فهذا كافر إلا من أكره1.
كما ينبه الشيخ على تقبيح الشرك عقلا في آخر هذه الآية فيقول:
إن آخر الآية وهو قوله: {سبحانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ينبهك على الحكمة في كونه سبحانه يغفر الكبائر ولا يغفر الشرك، وتزرع بغض الشرك وأهله ومعاداتهم في قلبك. وذلك أن أكبر مسبة بعض الصحابة مثل أبى بكر وعمر لو يصل في منزلته بعض ملوك زماننا مثل سليمان2 ن أو غيره، مع كون الكل منهم آدمي، والكل ينتسب إلى دين محمد "صلى الله عليه وسلم"، والكل يأتي بالشهادتين والكل يصلي ويصوم رمضان.
فإذا كان من أقبح المسبة لأبى بكر أن يسوي بينه وبين بعض الملوك في زماننا، فكيف يجعل للمخلوق من الماء المهين –ولو كان نبياً- بعض حقوق من هذا بعض عظمته وجلاله من كونه يدعى كما يدعى، ويخاف كما يخافه ويعتمد عليه كما يعتمد عليه؟! هذا أعظم الظلم، وأقبح المسبة لرب العالمين وذلك معنى قوله في آخر الآية: {سبحانه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ولكن رحم الله من تنبه لسر الكلام، وهو المعنى الذي نزلت فيه هذه الآيات، من كون المسلم يوافقهم في شيء من دينهم الظاهر مع كون القلب بخلاف ذلك، فإن هذا هو الذي أرادوا من النبي "صلى الله عليه وسلم" فأفهمه فهماً حسناً لعلك