بما فيها من تقرير الإخلاص لله، والبراءة من الشرك، وما فيها من بيان حال الدعاة المصلحين، من الأنبياء وأتباعهم مع أقوامهم، فقال رحمه الله بعد ذكر الآيتين السابقتين:- إذا عرفت أن سبب نزولها قول أهل الكتاب "نحن مسلمون نعبد الله إلا إن كنت تريد أن نعبدك"1 عرفت أنها من أوضح ما في القرآن من تقرير الإخلاص والبراءة من الشرك، ومن أعظم ما يبين لك طريق الأئمة المهديين من الأئمة المضلين، وذلك أن الله وصف أئمة الهدى بالنفي والإثبات، فنفى عنهم أن يأمروا أتباعهم بالشرك بهم، أو بالشرك بالملائكة والأنبياء وهم أصلح المخلوقات، وأثبت أنهم يأمرون أتباعهم أن يصيروا ربانيين، فإذا كان من أنزله الله بهذه المنزلة لا يتصور أن يأمر أتباعه بالشرك به ولا بغيره من الأنبياء والملائكة فغيرهم أظهر وأظهر.
وإذا كان الذي يأمرهم به كونهم ربانيين، تبين طريقة الأنبياء وأتباعهم من طريقه أئمة الضلال وأتباعهم.
ومعرفة الإخلاص والشرك، ومعرفة أئمة الهدى وأئمة الضلال أضل ما حصل المؤمن2.
إلى آخر ما يتعلق بهذه الآية من استنباطات معظمها استنباطات عقدية هامة، نابعة من فهم صحيح للآيات المختارة.
ثم بعد الآيتين السابقتين تعرض لتفسير آيتين تاليتين لهما وهما قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} الآيتين3.
وفيهما تقرير نبوة محمد "صلى الله عليه وسلم" والبشارة به في الكتب السابقة.
يوضح الشيخ هذا وغيره بقوله:- فيه- أي فيما ذكر من الآيتين- ما هو من أبين الآيات للخاص والعام، وكونه "صلى الله عليه وسلم" مذكوراً مبشرا ًبه