الشهرستاني - على أن العبد قادر على الأفعال خيرها وشرها، مستحق على كل ما يفعله ثوابًا وعقابًا في الدار الآخرة والرب تعالى منزه أن يضاف إليه شر وظلم، وفعل هو كفر ومعصية (?) .
واستدل المعتزلة ببعض الآيات القرآنية التي تثبت نفي الظلم والشر والقبح عن الله سبحانه وتعالى، مثل قوله: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ) [غافر، الآية: 31] وقوله: (وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [ق، الآية: 29] وقوله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل، الآية: 90] وغيرها من الآيات الدالة على أن الله لم يجبر أحدًا على الخير أو الشر أو الحسن أو القبح، بل ترك لكل إنسان حرية الاختيار فيما يفعل (?) .
ثم جاء الأشعري فاختط طريقًا وسطًا بين فكرة المعتزلة ورأي الجبرية، فأثبت الحرية الإلهية الغير الخاضعة للمعيار الإنساني، فليس لأحد أن يوجب عليه سبحانه فعل الصلاح أو الأصلح لعباده، كما أراد إثبات حرية الإنسان وقدرته على الفعل فميز في الإنسان بين حركات الرعدة والرعشة، وبين حركات الاختيار والإرادة، الذي يجد الإنسان في نفسه تمييزًا واضحًا بينهما، فالتفرقة راجعة إلى أن الحركات الاختيارية حاصلة تحت القدرة، متوقفة على اختيار القادر، ويسمى هذا الفعل (كسبًا) فيكون خلقًا من الله تعالى، إبداعًا وإحداثًا وكسبًا من العبد، حصولاً تحت قدرته (?) .