من القوادح الظاهرة والخفية1. ثم بما بيناه من دقة تطبيق المحدثين لهذه الشروط في الحكم على الحديث بالضعف لمجرد فقد الدليل على صحته، من غير أن ينتظروا قيام دليل مضاد له2.
4- أن علماء الحديث لم يكتفوا بهذا، بل تنبهوا إلى عوامل في الرواية المكتوبة لم يتنبه إليها هؤلاء المتطفلون بالاقتراح عليهم، فقد اشترط المحدثون في الرواية المكتوبة شروط الحديث الصحيح، لذلك نجد على مخطوطات الحديث تسلسل سند الكتاب من راوٍ إلى آخر حتى يبلغ مؤلفه، ونجد عليها إثبات السماعات وخط المؤلف أو الشيخ المسمع الذي يروي النسخة عن نسخة المؤلف أو عن فرعها..
فكان منهج المحدثين بذلك أقوى وأحكم، وأعظم حيطة من أي منهج في تمحيص الروايات، والمستندات المكتوبة.
5- أن البحث عن الإسناد لم ينتظر مائتي سنة كما وقع في كلام الزاعم، بل قتش الصحابة عن الإسناد منذ العهد الأول حين وقعت الفتنة سنة 35هجرية، لصيثانة الحديث من الدس3.
وقد ضرب المسلمون للعالم المثل الفريد في التفتيش عن الأسانيد، حيث رحلوا إلى شتى الآفاق بحاثا عنها، واختبارا لرواة الحديث، حتى اعتبرت الرحلة شرطا أساسيا لتكوين المحدث4.
6- أن المسلمين -كما تبين مما سبق. لم يغفلوا عما اقترفه الوضاعون وأهل البدع والمذاهب السياسية من الاختلاق في الحديث، بل بادروا لمحاربة ذلك باتباع الوسائل العلمية الكافلة لصيانة السنة في