تراجم هؤلاء الرواة تثبت كتابتهم للحديث بصورة واسعة جدا تدل على انتشار التدوين وكثرته البالغة، حتى لقد يقع في ظن الباحث أن الحديث قد دون جميعه منذ عهده المبكر1.
2- أن تصنيف الحديث على الأبواب في المصنفات والجوامع مرحلة متطورة متقدمة كثيرا في كتابة الحديث، وقد تم ذلك قبل سنة 200 للهجرة بكثير، بل أنه قد تم في أوائل القرن الثاني، بين سنة 120-130هـ2. بدليل الواقع الذي يحثدنا عن ذلك، فهناك جملة من هذه الكتب مات مصنفوها في منتصف المائة الثانية، مثل جامع معمر بن راشد "154" وجامع سفيان الثوري "161" وهشام بن حسان "148" وابن جريج "150" وغيرها كثير.
وقد وجد العلماء بعض هذه الجوامع، ويجري الآن تحقيق جامع معمر بن راشد في الهند، ليكون إخراجه شاهد حق ودليل صدق على ما بيناه في هذه المسألة.
3- أن علماء الحديث وضعوا شروطا لقبول الحديث تكفل نقله عبر الأجيال بأمانة وضبط، حتى يؤدي كما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أوضحنا من شروط الراوي التي توفر فيه غاية الصدق لما اجتمع فيه من الدوافع الدينية والاجتماعية والنفسية، مع الادراك التام لتصرفاته وتحمل المسؤولية، كما أنها توفر فيه قوة الحفظ والضبط بصدره أو بكتابه أو بهما معا مما يمكنه من استحضار الحديث وأدائه كما سمعه3، وكما أوضحناه من شروط الصحيح والحسن التي تكفل ثقة الرواة ثم سلامة تناقل الحديث بين حلقات الإسناد وسلامته