عبدالرحمن السعدي (ت 1376 هـ) - رحمه الله - لمَّا رأى في بيروت كتاب ديل كارنيجي «دع القلق وابدأ الحياة»، رآه صُدْفَةً ولم يقْصِدْ إليه، قرأهُ فاستَحْسَنَهُ، ورأى أنه لم يُكتب عندنا ببسط كما في الكتاب المذكور، وأنَّ أُسُسَهُ ومَبادِئَهُ مَوجُودَةٌ وزِيَادَةٌ في الكتابِ والسُّنَّة، عَمدَ إلى زُبْدة أفكار الكتاب، وعرضَهَا بلسانٍ عَرَبيٍّ مُبِين، لاحشْوَ فيها ولا مُنَغِّصَات كما في المترجمات، ثم استدل لها بما في الوَحْيَيْن الشَّرِيفَين، فكان كتاباً خفيفَ المحْمَلِ بحجم الكَفِّ، سَهْلَ العبارة، لَطِيْفَ البَيَان، وسَمَّاهُ «الوسائل المفيدة للحياة السعيدة».
وصُورَةٌ أخرى مقابلة: يأتي مُثَقَّفٌ، فيُثَاقِفُ ــ دَوْمَاً ـ بما لدى القوم، ــ «وثقافةُ كُلِّ أمَّةٍ مُستمَدَّةٌ من دِينَها» (?) ــ يَهْذِيْ ويرَى أنَّه يَهْدِيْ إلى خَيْرٍ! إلى تُرَاثِ الفِكْرِ لأُمَم الكُفْرِ؛ يَهْدِي النَّاس عَامَّتهم قَبْلَ خَاصَّتِهِم إلى سَلَفِيَّةٍ مُتَجَدِّدَةٍ ـ بِزَعْمِهِ ـ، ومُجتَمَعٍ مَدَنِيٍّ بفِكْرٍ غَرْبِيٍّ! هل جاءنا «طه حسين»، و «قاسم أمين»، وجماعتُهما، في رجلٍ واحدٍ من حيث لانحتسب؟ !