ولما طلب أحد الصحابة وصية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أوصني، قال: ((لا تغضب))، فردد مراراً ((لا تغضب)). (?)

فهذه وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عدم الغضب لكل مسلم .. فكيف بالداعية .. فأولى بذلك ثم أولى.

وقبل مغادرة هذا الباب ينبغي التنبيه إلى أمرين.

الأول: التفريق بين مقام الدعوة الذي وسيلته الصبر على الأذى، والحلم بالمدعوين، وبين مقام القضاء والسلطان الذي من حقه الحكم والعقاب.

فهذان بابان مختلفان، يخلط بينهما كثير من الناس، فلا يفرقون بين وجوب الصبر في الدعوة إلى الله، والحلم على المدعوين، وبين مقام القاضي والسلطان في حال الاعتداء.

وعدم التفريق بينهما أوقع كثيراً من الدعاة في وضع الأمور في غير محلها، وفي اضطراب في التصرف، وانحراف في المنهج.

الأمر الثاني: أن الصبر والحلم لا يتأتيان بقراءة الكتب، وحضور الدروس، والاستماع إلى المحاضرات، وإنما يحتاجان إلى تدرب عليهما، ولا يتم ذلك إلا بالتربية، وما يقع من كثير من الناس من عدم الصبر والتضجر والانتقام، والتصرفات المنحرفة إلا لفقدان التربية على ذلك .. وربما فقد ذلك كثير من الشيوخ أنفسهم، وفاقد الشيء لا يعطيه، لذا وجب الاهتمام البالغ بالتربية في منهجنا العملي الدعوي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015