والصبر في باب الدعوة إلى الله يعني: ضبط النفس على الاستمرار في طريق الدعوة مهما لاقت، وحبسها عن الإساءة للمدعوين قولاً وفعلاً، والصبر يعني: عدم الانتقام حين الأذى، وعدم الانقطاع عن الدعوة حين الملل، وعدم اليأس حين الفشل.
وبعبارة أخرى: عدم الاستجابة لردود فعل النفس، والتسرع في التصرف حيال المواقف.
لذا كان القرآن والسنة حافلين بالاهتمام بالصبر، لما له من أثر كبير في استمرار الداعية، وعدم نفور المدعوين .. وقبول الدعوة إلى الله تعالى.
ولذلك عدَّ الله سبحانه الصبر مع التقوى من عزائم الأمور، قال تعالى: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتّقُوا فَإِنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاُمُورِ} [آل عمران: 186]
بل جعل الله الصبر على الأذى من منهج الأنبياء، فقال سبحانه عن الأنبياء: {وَلَنَصْبِرَنّ عَلَىَ مَآ آذَيْتُمُونَا .. } الآية [إبراهيم: 12]
ومن المعلوم أن نقيض الصبر؛ التضجر والانقطاع .. ومن تضجر نفر الناس منه، ثم انقطع عن دعوته، فخسر نفسه والمدعوين معه.
ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد، ولم يتسرع في تصرف بسبب فقدانه الصبر، ربما انعكس على الدعوة بالسوء، والتراجع.
ومن لم يصبر ويحلم عمن آذاه انتقم لنفسه، ومن انتقم لنفسه، خسر نفسه ودعوته، وأجره عند ربه.
ولذلك قرن الله بين الصبر والحلم والعفو، وعد ذلك من عزم الأمور، فقال سبحانه: