وأما المصلحة الثالثة: التي هي الجري على مكارم الأخلاق واتباع أحسن المناهج في العادات والمعاملات، فقد اقتضى التشريع الإسلامي الحث عليها والأمر بها. ومن عمل بالتشريع الإسلامي كان أجرى الناس على مكارم الأخلاق واتباع أحسن المناهج. ومما يوضح ذلك أن الله قال في نبينا - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4]. ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه الذي وصفه الله بالعظيم قالت: كان خلقه القرآن، فدل مجموع الآية وحديث عائشة على أن المتصف بما في القرآن من مكارم الأخلاق يكون على خلق عظيم، والآيات الدالة على الأمر بأكرم الأخلاق وأحسنها كثيرة جدًّا، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ} [النحل: 90]. وقوله: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَينَكُمْ} [البقرة: 237]. وقوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]. وقوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا .. } [النور: 22] إلى غير ذلك من الآيات.
ومن فروع هذا الأصل الذي هو الجَرْي على مكارم الأخلاق: تحريمُ النجاسات حثًّا على مكارم الأخلاق. لأن ملابسة الأقذار والنجاسات منافية لمكارم الأخلاق.
ومن فروعه: وجوب الإنفاق على الأقارب الفقراء كالآباء والأبناء.