الله وإخواننا الْمُسلمين من ذَلِك فَصرحَ تَعَالَى بِوُجُوب جلده مائَة جلدَة فِي قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} الْآيَة وَصرح فِي الْآيَة الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ مَنْسُوخَة التِّلَاوَة بَاقِيَة الحكم وهى قَوْله تَعَالَى: "الشَّيْخ وَالشَّيْخَة" إِلَى قَوْله "عَزِيز حَكِيم"1 وَهَذِه الْآيَة بَاقِيَة الحكم إِجْمَاعًا وَأَن نسخ لَفظهَا. وَقد رجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجم الْخُلَفَاء الراشدون بعده وَاسْتقر على ذَلِك إِجْمَاع الْمُسلمين كَمَا هُوَ مَعْلُوم لَا نزاع فِيهِ.
وَمن حكم ذَلِك الردع الْبَالِغ عَن الزِّنَا بِالْجلدِ وَالرَّجم حفظ الْأَنْسَاب وَعدم ضياعها واختلاطها.
وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الرَّجْم الْمَذْكُور دلّت عَلَيْهِ آيَة محكمَة التِّلَاوَة وَالْحكم وَهِي قَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} قَالَ لِأَنَّهَا نزلت فِي الْيَهُود بَين اللَّذين زَنَيَا وهما مُحْصَنَانِ. وَحكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم برجمهما وَأعْرض الْيَهُود عَن قبُول ذَلِك الحكم بِالرَّجمِ. فذمهم الله بِسَبَب ذَلِك الْإِعْرَاض فِي قَوْله: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} وذمه المعرض عَن حكم الرَّجْم فِي هَذِه الْآيَة يدل على أَنه مَشْرُوع فِي شَرِيعَة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. إِذْ لَو كَانَ غير مَشْرُوع فِيهَا مَا ذمّ الله المعرض عَنهُ كَمَا ترق. وَلأَجل صِيَانة النّسَب والمحافظة عَلَيْهِ أوجب الله الْعدة على النِّسَاء عِنْد الْمُفَارقَة بِطَلَاق أَو موت لِئَلَّا يخْتَلط مَاء رجل برحم امْرَأَة بِمَاء رجل آخر قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} . وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ