الْمفْسدَة عَنْهَا بِأَحْكَم الطّرق وأقومها. وَلذَا جَاءَ فِيهِ تشريع الْقصاص وَهُوَ أعظم وَسِيلَة لِسَلَامَةِ الْأَنْفس من الْقَتْل كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} . فَصرحَ تَعَالَى فِي هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة بِأَن لَهُم فِي تشريع الْقصاص حَيَاة لَان من هم بِالْقَتْلِ تذكر أَنه إِن قتل قتل فلاحظ تَقْدِيمه للْقَتْل قصاصا فأشفق على نَفسه من الْمَوْت فَترك الْقَتْل فَسلم صَاحبه من الْقَتْل وَسلم هُوَ من الْقود وَهَذِه حَيَاة نفسين. كَانَت بِسَبَب هَذَا التشريع السماوي الَّذِي وَضعه الله الْحَكِيم الْخَبِير. وَلَكِن هَذَا الحكم إِنَّمَا يفهمها أهل الْعُقُول السليمة من شوائب الاختلال وَلذَا قَالَ تَعَالَى بعد ذكره الْقصاص الْمَذْكُور والتنبيه على مَا فِي تشريعه من الْحَيَاة يَا أولى الْأَلْبَاب. فَنَادَى المخاطبين نِدَاء يخْتَص بأصحاب الْعُقُول السليمة لأَنهم هم الَّذين يفهمون ذَلِك وينتفعون بِهِ.

ج- وَأما الْعقل: فقد اقْتضى تشريع الْحَكِيم الْخَبِير الْمُحَافظَة عَلَيْهِ بِأَحْكَم الطّرق وأقومها فَمنع من شرب الْخمر لِأَنَّهَا تذْهب الْعقل صِيَانة لِلْعَقْلِ ومحافظة عَلَيْهِ وَأوجب الْحَد فِي شرب الْخمر مُحَافظَة عَلَيْهِ وصيانة لَهُ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} إِلَى قَوْله فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ. وفى الحَدِيث: "كل مُسكر حرَام" وَفِيه "مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام". وَقد أوجب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حد الشَّارِب دَرأ للمفسدة عَن الْعقل كَمَا هُوَ مَعْلُوم.

د- وَأما النّسَب: فقد اقْتضى التشريع الإسلامي الَّذِي هُوَ تشريع خَالق السَّمَاوَات وَالْأَرْض على لِسَان سيد ولد آدم صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ صيانته والمحافظة عَلَيْهِ بِأَحْكَم الطّرق وأعدلها فَحرم الزِّنَا وَمن حِكْمَة تَحْرِيمه أَنه حرم لِئَلَّا يبْقى الْوَلَد من الزِّنَا ضائعا بِلَا نسب قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} وَنَحْوهَا فِي الْآيَات وَلأَجل الْمُحَافظَة على النّسَب أوجب الْحَد على من زنا أعاذنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015