الباب السادس: مرحلة النضوج

...

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} 1.

وتوجد في العلماء، وهم ورثة الأنبياء. وليس العلماء هم حفظة العلم. فما أكثر الحفاظ وأقل العلماء! إنما هم العاملون بهذا العلم، الذين يربون بعلمهم الناس، ويعطون في سلوكهم الواقعي ترجمة عملية لما يقولونه لطلابهم من أمور هذا الدين. هم الذين يخشون ربهم حق خشيته:

{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 2.

كما أن تطبيق الشريعة الإسلامية في المجتمع المسلم هو بذاته تربية وتوجيه. أما في مجتمعاتنا الجاهلية المعاصرة فالقيادة والقدوة -لمن يريد الإسلام- ما تزال قائمة في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته. ثم ينبغي أن تكون في جماعة تندب نفسها للدعوة، وتعطي من نفسها القدوة، وتقوم بدور التربية للناس في مرحلة النضج، وتعينهم على القيام بمسئوليتهم تجاه الله وتجاه الإسلام.

كنا حتى الآن نتحدث عن السمة الأولى -والكبرى- من سمات مرحلة النضج، وهي الرغبة في تحمل المسئولية، واستطردنا منها إلى الحديث عن ماهية هذه المسئولية بالنسبة للإنسان المسلم، والتي تتلخص في إقامة منهج الله في الأرض، وإنشاء الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم والدولة المسلمة التي تحكم بما أنزل الله. فذلك في الحقيقة هو المقتضى الحقيقي لشهادة لا إله إلا الله.

ونعود إلى بقية السمات فنجد الرغبة في العمل والرغبة في اكتساب الخبرة العملية، وهما رغبتان متساوقتان في نفس الإنسان، وموجودتان في الحقيقة منذ الطفولة، ولكنهما يأخذان صورًا شتى.

ففي الطفولة تتخذان صورة اللعب. وعن طريق اللعب يكتسب الطفل كثيرًا من خبراته كما يكتسب كثيرًا من معلوماته. وبذلك يمكن استغلال اللعب في التربية في هذه المرحلة من العمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015