كان في موقف المتفرج أو المحبذ أو الناقد من بعيد. والمفروض فيه اليوم أن يشارك في الأمور بنفسه، ويأخذ دوره فيما كان يتفرج عليه من بعيد.
إن السمات العامة لهذه الفترة هي الرغبة في حمل المسئولية، والرغبة في العمل واكتساب الخبرة العملية، ثم النظرة الواقعية إلى الأمور.
وقد ركب الله هذه السمات في الفطرة لتقوم بدور معين في حياة البشرية. وسواء كانت المسئولية هي المسئولية في أضيق نطاقها, وهي السعي وراء الرزق، وإنشاء أسرة وتحمل تبعاتها، أو كانت هي المسئولية في أوسع نطاقها، كقيادة أمة أو قيادة دولة أو قيادة دعوة.
وسواء كان العمل يدويًّا أو عقليًّا أو فنيًّا1.
وسواء كانت الخبرة محصورة في نطاق المهنة التي يمتهنها الإنسان ليكسب رزقه، أو كانت خبرة علمية أو سياسية أو اقتصادية أو حربية أو تربوية أو قيادية لا تنحصر في شخص صاحبها, إنما تتعداه إلى الأمة التي ينتسب إليها.
أو إلى كل البشرية.
وسواء كان نطاق النظرة الواقعية محصورًا في المجال الذاتي الضيق، أو شاملًا لأمور المجتمع وأمور الحياة.
فأوان هذه السمات كلها هو مرحلة النضج، وهي التي تنشئ الواقع العملي الذي تعيشه البشرية.
والإسلام دين الفطرة ومنهجه التربوي يهدف إلى أخذ خير ما في الفطرة, وتقويم أعوجاجاتها حين تنحرف عن الطريق.
فأما من حيث الرغبة في حمل المسئولية، فإننا نرى في جماعة الرسول صلى الله عليه وسلم نماذج فريدة نادرة في التاريخ البشري كله. فشباب صغير، مما نراه في أيامنا هذه يلهو ويعبث وينفق وقته وجهده في اللهو والعبث والفساد،