ومع ذلك لم تمتلئ الجيوب بما يكفي للزواج. ثم يقبل الحب مرة أخرى أضعف حيوية وقوة عما كان من قبل "وقد مرت سنوات" فيجد الجيوب عامرة، فيحتفل الزواج بموت الحب.

"حتى إذا سئمت فتاة المدينة الانتظار اندفعت بما لم يسبق له مثيل في تيار المغامرات الواهية. فهي واقعة تحت تأثير إغراء مخيف من الغزل والتسلية وهدايا من الجوارب وحفلات من الشمبانيا في نظير الاستمتاع بالمباهج الجنسية.

وقد ترجع حرية سلوكها في بعض الأحيان إلى انعكاس حريتها الاقتصادية1.

فلم تعد تعتمد على الرجل في معاشها، وقد لا يقبل الرجل على الزواج من امرأة برعت مثله في فنون الحب. ولكن قدرتها على كسب دخل حسن هو الذي يجعل الزوج المنتظر يتخلى عن تردده. إذ كيف يمكن أن يكفي أجره المتواضع للإنفاق عليهما معا في مستواهما الحاضر من المعيشة؟ 2.

وهذا الذي يقوله "ول ديورانت" وصف صادق لما يجري في الجاهلية الغربية، والذي زادت نسبته اتساعًا منذ ألف كتابه هذا سنة 1929! وإن كانت كل المبررات التي يسوقها مبررات جاهلية بحتة، يمكن أن تفسر الواقع ولكن لا يمكن بحال أن تبرره. فليس فيها ضرورة واحدة "حتمية" كما يزعم التفسير المادي "الجاهلي" للتاريخ. إنما هي كلها ضرورات مفتعلة تسير حسب المخطط الشرير لإفساد البشرية.

ونحن نتبعهم في كل ما صنعوه، بل نجري وراءهم لاهثين خشية أن يكون قد فاتنا قدر من انحرافاتهم لم نفعله، فنكون رجعيين ومتأخرين بذلك القدر!

نصعب الزواج بكل وسائل التصعيب، ونطلق وسائل الإثارة بأقصى ما في طاقتنا من جهد. ثم يروح "علماؤنا" و"مفكرونا" و"كتابنا" والمشرفون على وسائل الإعلام منا، يناقشون "مشكلات الشباب"! المشكلات التي صنعناها لهم نحن بأيدينا باتباع مناهج الجاهلية! ثم يبحثون عن الحلول..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015