التربية الإسلامية كما تمتلئ به نفسك. ثم لا تستطيع أن تحبس ابنك أو ابنتك في معزل عن المجتمع. فإن ذلك مستحيل. بل إنهما لا يكونان مسلمين إذا تربيا في عزلة كاملة عن الحياة الواقعة، فالإسلام ليس عزلة عن الحياة ولا يمكن أن يكون، بل هو حركة حية في واقع الأرض وسلوك واضح للعيان.
وإذن فأنت -بالضرورة- تطلقهما في المجتمع الموبوء. فما الذي يحدث؟ الطفل الذي يجد غيره من الأطفال يسبونه بأقذع السباب، المنتقى من ألفاظ قصد بها قصدًا أن تخدش الحياء لتكون مؤلمة وموجعة.
والطفل الذي يجد الغش والخداع والنفاق هو العملة السارية في المجتمع. معلمه أو معلمته يغشانه في الدرس، فلا يعملان بذمة وضمير إلا والناظر على مقربة أو المفتش على الباب. وبقية الدروس "بلطجة" أو تهويش. وبائع الحلوى أو التاجر الذي يتعامل معه يغشه في البضاعة أو السعر. وكل إنسان يغش كل إنسان، ويتملقه وهو حاضر أمامه فإذا انقلب من عنده راح يهجوه بأقذع لسان.
والطفل الذي يجد العبودية بكل ألوانها ومختلف صنوفها هي المتحكمة فيما حوله، الكبير يستعبد الصغير، والقوي يستعبد الضعيف، وهذا يخنع للعبودية ويذل.
والمراهق والمراهقة اللذان يغشيان هذا المجتمع الدنس الذي تشيع فيه الفاحشة من كل صوب.
الفتاة التي تجد زميلاتها في المدرسة يقصصن مغامراتهن الدنسة، ويروين من الحكايات ما يمليه خيالهن المريض.
والفتاة التي تجد نساء المجتمع يتبرجن على أبشع صورة لإبراز مفاتن الجسد وإبراز معالم الحيوان.
والفتاة التي تطالعها إعلانات السينما بصورها المهيجة ومواقفها الفاضحة العنيفة، ويطالعها الدنس في كل صحيفة تقرؤها أو مجلة تقع بين يديها.
والفتى الذي يعيش في مثل هذا الجو الموبوء. اهتمامات إخوانه تفاهة، وحياتهم عبث، وأهدافهم خواء. وسلوكهم نكسة إلى عالم الحيوان، في قذارة يتعفف عنها الحيوان.