وتفكيره العقلي مرتبط بالجميع.

تلك حقيقة الكيان البشري. ولكن الذي يرى في الظاهر حين تستغرق الناس مطالبهم المادية أو جهدهم المادي, أو العقلي, أو الروحي, أن الجوانب الأخرى تتوارى مؤقتًا فلا تبرز على السطح.

ولكنها لا تقطع الاتصال!

إن الكيان النفسي للإنسان كيان مرن متحرك لا يجمد على صورة واحدة. إنه دائم البروز والانحسار. يبرز منه جانب ويختفي وراءه جانب. في حركة دائمة لا تهدأ. ولكن مزيته هي مرونته. المرونة التي تسمح له بالتحول الدائم والتشكل المستمر دون أن يفقد ترابطه أو يتفكك. إنه -والتشبيه مع الفارق- كجسم الأميبا، دائم التشكل ولكنه هو هو في المجموع.

وحين يحسب الإنسان أن بروز أحد جوانبه في لحظة من اللحظات معناه انقطاعه عن بقية الكيان الداخلي. أو حين تريد له عقيدة من العقائد أو نظام من النظم أن يحسب كذلك، فالذي يحدث أن الجوانب الأخرى تكبت في الداخل. تكبت ولا تنفصل عن الكيان!

فحين توحي عقيدة من العقائد أو نظام من النظم بأنه ليس ثمة روح، أو ليس ثم إليه. وأن الواقع المادي هو الحقيقة الوحيدة "حقيقة العالم تنحصر في ماديته1" وأن الإنتاج المادي والتنظيم الاقتصادي هو كل حياة البشرية, حين ذلك تكبت مؤقتًا جوانب الإنسان الروحية والوجدانية والفكرية. وقد تذبل وتنحسر

ويصيبها الشلل فتعجز عن النشاط. ولكنها لا تبقى كذلك إلى الأبد، وإلا مات الشعب وانقرض كما حدث لبعض الشعوب في التاريخ.

وكل النظم التي تأخذ جانبًا واحدًا من الإنسان وتفصله عن بقية الكيان تقع في هذه الخطيئة، وتؤدي بشعوبها إلى الهلاك في النهاية بوسيلة من وسائل الهلاك.

والإسلام -كلمة الله إلى الأرض- قد سلم من هذه الخطيئة ونجا من ذلك الانحراف.

إنه في الوقت الذي يؤمن فيه بكل جوانب الإنسان: جسمه وعقله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015