الباب الأول: خصائص المنهج الإسلامي

طريقة الإسلام في التربية هي معالجة الكائن البشري كله معالجة شاملة لا تترك منه شيئًا ولا تغفل عن شيء. جسمه وعقله وروحه، حياته المادية والمعنوية وكل نشاطه على الأرض.

إنه يأخذ الكائن البشري كله، ويأخذه على ما هو عليه، بفطرته التي خلقه الله عليها، لا يغفل شيئًا من هذه الفطرة، ولا يفرض عليها شيئًا ليس في تركيبها الأصيل.

ويتناول هذه الفطرة في دقة بالغة فيعالج كل وتر منها، وكل نغمة تصدر عن هذا الوتر، فيضبطها بضبطها الصحيح.

وفي الوقت ذاته يعالج الأوتار مجتمعة. لا يعالج كلًا منها على حدة فتصبح النغمات نشازًا لا تناسق فيها. ولا يعالج بعضها ويهمل البعض الآخر، فتصبح النغمة ناقصة غير معبرة عن اللحن الجميل المتكامل، الذي يصل في جماله الأخاذ إلى درجة الإبداع.

وحين يستعرض الإنسان وسائل الإسلام في التربية، يعجب للدقة العجيبة التي يتناول بها الكائن البشري. الدقة التي تتناول كل جزئية على حدة كأنها متفرغة لها، ليس في حسابها سواها، ثم الشمول، على هذا المستوى من الدقة. الشمول الذي يتناول الجزئيات جميعًا، وفي وقت واحد.

إنها دقة معجزة لا تصدر إلا عن الخالق المدبر العظيم.

{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} 1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015