ومن النوع الثاني قوله معقّباً على قول ابن الحاجب: ((لو نَدَرَ المخالف مع كثرة ... المجمعين ... )) إلى قوله ((لم يكن إجماعاً قطعاً)) (?)، قال التاج السبكي: ((كذا بخط المصنف، وفي بعض النسخ قطعيا.)) ثمّ قال بعد شرح المسألة: ((إذا عرفت هذا فنقول: قول المصنف لم يكن إجماعاً قطعاً أي: لا نقطع بكونه إجماعاً، ومن كتب قطعياً أراد أنّا نجزم بنفي (?) كونه إجماعاً قطعياً.)) (?)
ثم قال التاج مرجحّاً هذه النسخة: ((وهذه النسخة عندي أولى مما كتبه المصنِّف بيده، ولعلها أُصلِحت؛ لأنّ فيها فائدة التنبيه على أنّ من قال بأنّه إجماع؛ فإنّما يجعله ظنياً لا قطعياً، وهو الظاهر، ... وبه يُشعر إيراد الآمدي، وأما قطعاً (?) فليس فيها كثير فائدة؛ لأنّ كلّ ذي نظر يعرف أنّه إذا وقع الخلاف في أنه هل هو إجماع؛ لم يقع القطع بأنّه إجماع)) (?).
2 - اعتماده في الشرح على نقل عبارات ابن الحاجب نفسه من مختصره الكبير الذي هو الأصل بالنسبة لهذا ((المختصر)): من السِّمات البارزة في هذا الشرح أنّ التاج السبكي كثيراً ما كان يُورِد عبارات ابن الحاجب نفسه من مختصره الكبير ((المنتهى))، ليُفصِّل بها ما أجمله ابن الحاجب في مختصره هذا.
وحيثما كانت عبارة ابن الحاجب – في هذا ((المختصر)) – غير وافية بالغرض كان يتمِّمها التاج من ((المختصر الكبير)).
ومن الشواهد الدالة على ذلك: قول التاج السبكي في مسألة الإجزاء هل يستلزم القضاء أو لا – بعد شرحه لقول ابن الحاجب: وقال عبد الجبار لا يستلزمه (?) – ((وقد قال المصنف في ((المختصر الكبير)): إن أراد – يعني عبد الجبار – أنّه لا يمتنع أن يُراد أمرٌ بعده بمثله فمسلّم، ويرجعُ النزاع في تسميته قضاء، وإن أراد أنّه لا يدلّ على سقوطه فساقط)) (?).
ومنها قول التاج السبكي شارحاً قول ابن الحاجب في باب الترجيح: ((والإجماع على ما بعده في الظني)) (?) قال: ((قوله في الظّن أي: ذلك متصوَّر في الإجماع الظني دون القطعي؛ فإنّه يُظنُّ فيه التعارض، وإلا لَزِم تَعَارُض الإجماعين في نفس الأمر، وهو محال، هذا تقرير كلامه فاعتمده، وبه صرّح في ((المنتهى)) إذ قال: وإجماع الصحابة على من بعدهم ثمّ على الترتيب وذلك إنّما يكون في الظني، لأنّهم أعلى رتبة)) (?)