3 - أنّ التاج السبكي من الشراح القلائل الذين يمتازون بطول النفس في الشرح والتقرير؛ لذا فإنّ شرحه هذا يعدّ فيما أعلم من أوسع الشروح التي وُضعت على ((المختصر))، كما أنّه كان مطّلعاً على شروح ((المختصر)) السابقة، وبخاصة شرحي العضد الإيجي، والقطب الشيرازي، حيث صرّح بالنقل عنهما، وتَعَقَّبهما في عدد لا بأس به من المواضع.

4 - أنّه من الشروح التي اعتمد عليها شرّاح ((المختصر)) فيما بعد، فكانوا يكثرون من النقل منه والاعتماد عليه، ولعلّ من أهمهم في ذلك شرح محمد بن الحسن الواسطي (?)، حيث يصرّح بالنقل عنه والعزو إليه؛ بل إنّه قد جمع شرحه كله من شرحيّ الشمس الأصفهاني والتاج السبكي (?). كما وضع عليه الإمام عز الدين بن جماعة (?) حاشية قيمة (?).

مميزات رفع الحاجب:

لقد امتاز ((رفع الحاجب)) بميّزات عديدة جعلته في مقدمة شروح ((المختصر)) التي عليها الاعتماد، ومن أهم هذه الميزات:

1 - اعتماده على نسخة للمختصر بخط ابن الحاجب نفسه: اعتمد التاج السبكي في هذا الشرح على نسخة ابن الحاجب نفسه، وهذه ميّزة قلَّما تجدها عند غيره من الشراح، وبذلك يكون التاج قد حفظ لنا عبارة ابن الحاجب بنصِّها دون تحريف لها، أو نقص منها أو زيادة عليها، وكثيراً ما كان التاج السبكي يبيّن ذلك في شرحه، ويثبت الخلافات بينها وبين النسخ الأخرى، مبيّناً في ذلك الراجح عنده من العبارات سواء أكانت نسخة ابن الحاجب أو غيرها من النسخ.

فمن النوع الأول قوله: في مسألة العام إذا ورد على سبب خاص: ((والثاني ألا يكون ثمّ قرينة، كما لو روي أنّه - عليه السلام - مَرّ بشاةِ ميمونة فقال {أيما إهابٌ دُبِغَ فقد طَهُر} (?)، فإنّه على تقدير وقوعه لفظ عامٌّ ورد على سبب خاص بغير سؤال ... )) ثمّ قال: ((وإنّما قلنا على تقدير وقوعه، وكذا أثبت المصنِّف لفظة لو بخطه لأنّ ذلك لم يقع ... وفي بعض نسخ ((المختصر)) حذفُ لفظة لو، وليس بجيّد، فأثباتها حقٌّ كما عرفتَ وإياه فعل المصنف)) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015