3 - تأويل كلامه وحمله على محمل حسن والاعتذار له عن بعض الأخطاء

3 - تأويل كلامه وحمله على محمل حسن والاعتذار له عن بعض الأخطاء: لم يكن التاج السبكي ليتجرأ ويخالف الإمام الجويني، بل لقد وجدته حيث وجد له كلاماً يراه باطلاً يحاول قدر الإمكان تأويله ... والاعتذار له عنه، فمن ذلك قوله في مسألة خصوص السبب هل يخصص العموم: ((وخالف في ذلك مالك والمزني، وأبو ثور فقالوا: إنّ خصوص السبب يكون مخصِّصاً لعموم اللفظ، قال إمام الحرمين: وهو الذي صح عندنا من مذهب الشافعي)) قال التاج السبكي بعد بيان حقيقة مذهب الشافعي: ... ((وأما ما ذكره إمام الحرمين فلعلّه اطلع على نصٍّ مرجوح عنه أو غير ذلك، فإن الخلاف فيه غير بعيد عن المذهب.)) (?)

فأنت ترى أنه في هذا المثال حاول التاج السبكي التماس العذر لإمام الحرمين، وذلك خشية من مخالفته.

وقوله في مسألة التعليل بعلّتين: ((وأما تعليل الحكم الواحد في شخص واحد بعلل مختلفة نحو تحريم وطء المعتدة المحرمة الحائض، وزاد إمام الحرمين الصائمة، وهو سهو لأنّ الصوم يستحيل أن يجامعَ الحيض شرعا.)) (?)

هذا ما قاله التاج السبكي في ((الإبهاج)) حيث جعل الصائمة من باب السهو، غير أنه في ((رفع الحاجب)) ردَّ ذلك وأوَّلَ كلام إمام الحرمين بحيث لا يُعترَضُ عليه فقال: ((وزاد إمام الحرمين في كل من ((مختصر التقريب)) و ((البرهان)) و ((التدريس)) الصائمة وعبارته في ((مختصر التقريب)): وذلك كمثل المرأة يجتمع فيها الإحرام والحيض والصوم، [قال التاج السبكي]: وقيل إن ذلك سهو، لاستحالة مجامعة الصوم شرعا للحيض، ويُحتمل أن يُريد أنّ المرأة قد يجتمع فيها وصفان، وتَعْتَوِرُها حالتان مقتضيتان للتحريم، إما إحرام وحيض، وإما إحرام وصوم. ولذلك قال في ((البرهان)): مثل تحريم المرأة الواحدة بعلة الحيض والإحرام والصيام والصلاة.

فمراده اجتماع وصفين، وذلك كالصيام والصلاة، أو الإحرام مع الحيض، ونحو ذلك، لا أنّ الأربعة تجتمع.)) (?)

4 - الدفاع عنه ورد كل ما يوجه إليه من انتقادات

4 - الدفاع عنه ورد كل ما يوجه إليه من انتقادات: كان التاج السبكي شديد اللهجة على كل من يعارض الإمام الجويني أو ينتقده في شيء ما، وردوده في ذلك قاسية شأنها شأن ردوده على معارضي الشافعي، فمن ذلك: قوله في أدلة حجية الإجماع بعد ذكر دليل إمام الحرمين: ((هذا دليل إمام الحرمين، وهو الذي ذكره المصنف آخرا، وقد اعترضه الإمام بأنا لا نسلِّم انحصار التقسيم ... [إلى أن قال] هذا اعتراض الإمام، وزاد الشيخ الهندي اعتراضين آخرين، فقال: هذه الدلالة لو صحت لاقتضت أن يكون إجماع الخلق العظيم من كل أمة حجة ... [ثم قال التاج السبكي]: فهذه جملة الاعتراضات على إمام الحرمين، وأنا أقول: أن الأول وهو منع الحصر بالاتفاق على الشبهة - وهو أقواها - فقد يقال فيه: إنّ كلَّ اتفاق وقع عن شبهة فهناك قاطع يصادمه، وإنما تَسْكنُ النفس للإجماع إذا لم يكن ثَمَّ قاطعٌ معارض، فحيث وجدنا إجماعاً ولا قاطع يصادمه وهو الذي إما أن يكون لدليل أو أمارة فاتَّجه الحصر في القسمين وخرج إجماع المبطلين، فإنه أبداً مستصحب لقاطع مصادم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015