الرابع: قوله الألفاظ، جنسٌ بعيدٌ لأنّها تشمل اللفظ المستعمل والمهمل ومن عيوب الحدود أن يُؤتى في الحد بالجنس البعيد.

2 - وقوله بعد شرح تعريف المناسب الذي أورده ابن الحاجب بأنه: ((وصفٌ ظاهرٌ منضبط يَحْصلُ عقلاً من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً من حصول مصلحة أو دفع مفسدة)) (?) قال: ((واعترض الشيخ الهندي، بأنه إن عنى بقوله ''يحصل من ترتيب الحكم'' علَّته، أنّه يلزمُ من ترتيب ما يقتضيه الوصفُ من الحكم بحسب مناسبته له، فيلزم تعريف الشيء بنفسه؛ لأنّ التعريفَ المناسب إنّما هو باعتبار مناسبته فتعريفه بالمناسبة تعريف للشيء بنفسه، وإنْ عنى به غيره فليبيِّنه، سلَّمنا، ... ولكن لا حاجة إلى هذا القيد، بل يكفي أن يُقال: يلزم من حصوله حصولُ الحكم المستلزم لحصول ما يصلح أن يكون مقصوداً للشارع؛ لأنّا إذا علمنا الوصفَ وحده، والحكمَ وحده، وما يصلح أن يكون مقصوداً وحده، علمنا من وجود الوصف مقارنهً الحكم له، وحصول ما يصلح أن يكون مقصودا، ... والمقارنة إنما تراد باعتبار المناسبة، لا لتحقيق ماهيتها.

وأما أنه يلزم من ترتيب الحكم على وفقه حصول ما يصلح أن يكون مقصودا للشارع فذلك زائد على ماهية المناسبة.

وأيضا فإنه غير جامع؛ لأن التعليل بالحكمة الظاهرة المنضبطة جائزٌ على المختار عند المصنف، والوصفية غير متحقِّقة فيها مع تحقُّق المناسبة)) (?).

في هذا المثال ذكر لنا التاج السبكي مناقشةً على تعريف ابن الحاجب للمناسبة وحاصل هذه المناقشة:

أولا: أنّ المرادَ من قوله [أي ابن الحاجب] يَحصُلُ من ترتيب الحكم عليه، إما أن يكون علَّتَه وبذلك لا يستقيم التعريف؛ لأن العلَّةَ لا تكون علَّةً إلا إذا لوحِظَ فيها المناسبة، والمطلوب تعريف المناسبة فيتوقف معرفة المناسبة على معرفة العلّة، فتتوقف معرفة المناسبة على نفسها وهذا دور قادح في الحدود، وإن عنى بها أمر آخر غير العلّة فلا بد من بيانه حتى يُنظَرَ فيه.

ثانيا: أنه لا حاجة إلى قيد (يحصل من ترتيب الحكم عليه) لأنه إذا علمنا الوصفَ وحدَه ... والحكمَ وحدَه وما يَصلُحُ أن يكون مقصوداً وحده، بمجموع هذه الأمور وربط الذهن بينها يُعلَمُ من وجود الوصف مقارنَةَ الحكم له، وهذا الحكم يستلزم حصول ما هو مقصود من تشريعه ابتداء.

ثالثا: أن هذا التعريف ليس بجامع؛ لأنه يخرج منه التعليل بالحكمة المنضبطة مع أنها يُعلَّل بها عند ابن الحاجب لأن المناسبة مُتحقِّقةٌ فيها ولكن مع عدم وجود الوصفيّة.

المحور الثاني: منهجه في إيراد التعاريف في ((جمع الجوامع)):

كما هو معلوم فإنّ ((جمع الجوامع)) عبارةٌ عن متنٍ مختصر في أصول الفقه، لذا فإن طبيعةَ المتن تقتضي منهجاً خاصاً في عرض التعاريف، ومن هنا جاء تقسيمي لمنهجه في إيراد التعاريف إلى قسم الشروح، وقسم ((جمع الجوامع))، لأن التعريف في المتن يختلف عن تناول التعريف في ضمن الشرح، وقد اتبع التاج السبكي مناهج متعددة في إيراده للتعاريف في كتابه ((جمع الجوامع)) ومن هذه المناهج:-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015