وأما بالنسبة للخطر الصليبي، فقد استمرت المناوشات بين المماليك والصليبيين وظلَّ المماليك يحقِّقون الانتصار تِلْوَ الانتصار، حتى كان تحقيق أعظمَ انتصار وأهمَّه وذلك بفتح عكا سنة 690هـ (?) في عهد السلطان الأشرف بن قلاوون (?)، وقد كانت تلك الضربة القاضية للصليبيين، إذ لم يَقُم لهم بعد ذلك قائمة، فما تَبقَّى لهم من مدن لم تَلْبَث أن شاركت عكا في مصيرها؛ وبذلك استطاع المماليك إنهاء التواجد الصليبي مُنهِيةً بذلك عهد الصليبيين في الشام (?).

غير أنّ الصليبيين قد أعادوا الكرَّة، وذلك في الثلث الأخير من القرن الثامن الهجري وأغاروا على الإسكندرية واحتلوها سنة 767هـ (?)، ويصف لنا المؤرخ ابن كثير هذه الموقعة بقوله: ((وذلك أنّهم [الفرنج] وصلوا إليها [الإسكندرية]. . . فلم يجدوا بها نائباً ولا جيشاً ولا حافظاً للبحر ولا ناصراً، فدخلوها يوم الجمعة بُكْرة النهار بعد ما حرقوا أبواباً كثيرة منها، وعاثوا في أهلها فساداً، يقتّلون الرجال ويأخذون الأموال ويأسرون النساء والأطفال)) (?).

واستمرَّ الفرنج ينهبون الإسكندرية حتى وصل السلطان والجيش المصري إليها فهرب الفرنج منها آخذين معهم كثيراً من الأموال والخيرات والأسرى (?).

هكذا كان حال الدولة المملوكية في الخارج، دولة قوية مَنِيعَة مُهابَة الجانب استطاعت وَقْف الزحف المغولي، وإخراج بقايا فُلول الصليبيين من بلاد الشام.

أما في الداخل، فقد كان تاريخ المماليك متقلبا كثير الفوضى والاضطراب، حيث كانت الفتن ... والاضطرابات والصراع على السلطة هو المِيزة الرئيسة لعهد المماليك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015