من هذه القصة مثل الاستعانة بآيات من سور أخرى مناسبة، وأحاديث، وآثار عن الصحابة والتابعين وأقوال مفسرين ومؤرخين وعلماء فضلا عن أقوال من التوراة والإنجيل، وكان مفسرنا فى ذلك كله بعيدا عن المبالغات والحشو والإسرائيليات.
وكان ابن عاشور فى تقديمه كل سورة تتحدث آياتها عن قصة أو أكثر مفصلة أو مجملة، يذكر أغراضها وما تحويه من مضمون، ثم يتناول تفسيرها لغة وإعرابا، ثم يسرد أحداثها وما تحويه من أخبار عن حوادث سابقة فى حدود المضمون القرآنى والفهم العربى للنصوص القرآنية.
لم يسرف ابن عاشور فى استخدام هذا النوع من التفسير، ولم يكن من المكثرين فيه، وعند تفسيره لكثير من الآيات فى السور المختلفة لم يتعرض لكونها ناسخة أو
منسوخة كما ذهب كثير من عوام المفسرين، ولم يكن يقبل الأقوال على علاتها، وإنما كان يقبل ما انتهى النقد أو التحليل إليه، أو ما سمح بالتوفيق بين أكثر من قول، أو ما يؤيده أعلى المصادر توثيقا.
القراءات عند ابن عاشور قسمان، القسم الأول لا تعلق له بالتفسير، وإنما هو يتصل باختلاف القراء فى وجوه النطق بالحروف والكلمات كمقادير المد والإمالة والتخفيف والتسهيل والتحقيق والجهر ... الخ.
ومزية القراءات من هذه الجهة عائدة إلى أنها حفظت على أبناء العربية ما لم يحفظه غيرها، وهو تحديد كيفيات نطق العرب بالحروف فى مخارجها وصفاتها، وهذا القسم لا علاقة له بالتفسير، وقبول قراءاته على أنها صحيحة السند إلى النبى صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تبلغ حد التواتر فهى بمنزلة الحديث الصحيح.