الإقناع والإنصاف دون التحير لغير الحقيقة التى يؤمن بها، مهتديا بما استطاع جمعه من أقوال، وما قام به من تحليل، وما عقده من وجوه المقارنة، وما فرضته المناسبة من تاريخ لبعض هذه المذاهب، وهو فى اختلافه لم يبالغ، ولم يكفر أحدا من أصحابها طالما هذا الاختلاف فى دائرة الإسلام، ولا يمس أصلا من أصول العقيدة، والبهائية قد خرجت من هذه الدائرة، ومست أصلا من أصول الدين حين حاولت أن تثبت نبوءة بعد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
ذكر فى تفسير قوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (?).
«وقد أجمع الصحابة على أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل والأنبياء وعرف ذلك وتواتر بينهم فى الأجيال من بعدهم، ولذلك لم يترددوا فى تكفير مسيلمة والأسود العنسى فصار معلوما من الدين بالضرورة فمن أنكره فهو كافر خارج عن الإسلام ولو كان معترفا بأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله للناس كلهم.
وهذا النوع من الإجماع موجب العلم الضرورى كما أشار إليه جميع علمائنا، ولا يدخل هذا النوع فى اختلاف بعضهم فى حجية الإجماع إذ المختلف فى حجيته هو الإجماع المستند لنظر وأدلة اجتهادية بخلاف المتواتر المعلوم بالضرورة، وفى كلام الغزالى فى خاتمة كتاب الاقتصاد فى الاعتقاد مخالفة لهذا على ما فيه من قلة تحرير، وقد حمل عليه ابن عطية حملة غير منصفة وألزمه إلزاما فاحشا ينزه عنه علمه ودينه فرحمة الله عليهما.
ولذلك لا يتردد مسلم فى تكفير من يثبت نبوءة لأحد بعد محمد صلى