فأما الخوارج فقالوا: إن تارك الشيء من الأعمال كافر غير مؤمن وهو خالد فى النار، فالأعمال جزء من الإيمان، وأرادوا من الأعمال فعل الواجبات وترك الحرمات ولو صغائر، إذ جميع الذنوب عندهم كبائر- وأما غير ذلك من الأعمال كالمندوبات والمستحبات فلا يوجب تركها إذ لا يقول مسلم إن ترك السنن والندوبات يوجب الكفر والخلود فى النار، وكذلك فعل المكروهات قالت الإباضية من الخوارج أن تارك بعض الواجبات كافر لكن كفره كفر نعمة لا شرك، نقله إمام الحرمين عنهم وهو الذى سمعناه من طلبتهم، وأما المعتزلة فقد وافقوا الخوارج فى أن للأعمال حظا من الإيمان إلا أنهم خالفوهم فى مقاديرها ومذاهب المعتزلة فى هذا الموضوع غير منضبطة (?).

وموقف ابن عاشور من الخوارج والمعتزلة فيما ذهبوا إليه فى" ماهية الإيمان" وتركبه من اعتقاد ونطق وعمل، وإبطال الإيمان إذا اختل واحد منها، فيما وجهه إلى أصحاب هذين المذهبين نقدا يتمثل فيما ذكره حول عدم انتظام تقديرهم واختلال دعواهم، ولا يؤيد هذه الدعاوى سوى تعلقهم بظواهر بعض الآثار وإهمال ما يعارضها من مثلها.

وفى الفقرة الأخيرة نجد أن ابن عاشور يوجه نقدا آخر إلى الخوارج ولا تبدو موافقته على قولهم" تارك الشيء من الأعمال كافر غير مؤمن وهو خالد فى النار" ويختم الفقرة باتهام المعتزلة بما خالفوا فيه الخوارج فى تقدير الأعمال التى تستوجب هذا التكفير بعدم انضباط مذهبهم.

سادسا: البهائية:

رأينا ما كان عليه الاتفاق أو الاختلاف بين ابن عاشور والمذاهب السابقة، كان يأخذ من أقوال رجالها أو يترك، ولا تفارقه الرغبة الصادقة فى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015