واستعانة ابن عاشور ببعض ما جاء من التوراة والإنجيل كانت من قبيل تفصيل ما أجمل من القصص القرآنى، وليس لهذه الأقوال من خطر سواء فى العقيدة أم التشريع، كما أنها ليست من قبيل الحشو والاستهواء اللذين نراهما فى الإسرائيليات التى زجّها بعض المفسرين فى كتبهم وقبولها دون تحقيق.

ومهما يكن من أمر فقد أكثر العلماء من التنبيه على خطورة المرويات الإسرائيلية فى كتب التفسير أيا ما كانت اتجاهات أصحابها، وأنسب ما نستطيع التذكير به فى هذا الأمر هو قول الشيخ أحمد محمد شاكر عن مرويات بنى إسرائيل: «إن إباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا دليل على صدقه ولا كذبه شىء، وذكر ذلك فى تفسير القرآن وجعله قولا، أو رواية فى معنى الآيات، أو فى تعيين ما لم يعيّن فيها، أو فى تفصيل ما أجمل فيها شىء آخر، لأن فى إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يوهم أن هذا الذى لا نعرف صدقه ولا كذبه مبين لقول الله تعالى، ومفصل لما أجمل فيه، وحاشا لله ولكتابه من ذلك، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ما أذن بالتحدث عنهم أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم (?) فأى تصديق لروايتهم وأقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله، ونضعها موضع التفسير والبيان» (?).

ومن ثم يمكن القول إن ابن عاشور لم يقع فى شرك الإسرائيليات وأكاذيبها، وكانت استعانته بأقوال من التوراة والإنجيل فى الحدود التى تلقى بعض الأضواء على أحداث تاريخية لم يدر حولها خلاف يذكر، أو تمس العقيدة الإسلامية ولا أحكامها، وكانت بعيدة عن الرغبة فى استهواء القراء وجمع الأقوال فحسب، كما يفعل بعض المفسرين الذى استهوتهم هذه الإسرائيليات.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015