ومفاد هذا الكلام أن شروط القراءات التى اتفق عليها العلماء والفقهاء وهى التى صح سندها ووافقت خط المصحف والعربية ولو من جهة هى قراءة صحيحة لا يجوز ردّها، وأن تواترها تابع لتواتر الألفاظ الذى كتبت فيه كما يقول ابن عربى.
وعند ابن عاشور:
«هذه الشروط المتفق عليها بين العلماء والفقهاء وهى شروط للقراءة غير المتواترة عن النبى صلى الله عليه وسلم وهى صحيحة السند، وإن لم تبلغ حد التواتر فهى غنية عن هذه الشروط لكون هذا التواتر يجعلها حجة فى الغربية، ومن ثم يغنيها عن شرط موافقة رسم المصحف، وساق ابن عاشور مثلا فيما أجمع عليه بعض أهل القراءات المتواترة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ بطاء مشالة حيث كتبت فى المصاحف كلها بالضاد الساقطة.
ومع هذا نستطيع القول إن هذه الشروط الثلاثة التى أجمع عليها علماء القراءات والفقهاء كان الغرض الأول لهم من ذلك هو جمع المسلمين حول قراءات بعينها فلا يتسع الخلاف بينهم، وقد راعوا فى شروطها التوسعة على الألسن. وذلك ما سعى إليه عثمان رضى الله عنه من كتابة المصاحف وتوزيعها على الأمصار، وقد قبل هذا العمل من
عثمان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم على بن أبى طالب رضى الله عنه، وقد أجمع الإمامية الاثنى عشرية المعتدلة على هذه القراءات، وكرهوا تجريد قراءة مفردة» (?).