وجوه الإعراب، ومزية القراءات من هذه الجهة عائدة إلى أنها حفظت على أبناء العربية ما لم يحفظه غيرها، وهو تحديد كيفيات نطق العرب: بالحروف فى مخارجها وصفاتها، وذلك غرض مهم جدا لكنه لا علاقة له بالتفسير.
وبعد ذكره لأمثال مختلفة من شذوذ بعض القراءات وما حدث حولها من اختلافات، وما فعله عثمان رضى الله عنه فى جمع المسلمين حول المصحف الإمام، يقول:
«من أجل ذلك اتفق علماء القراءات والفقهاء على أن كل قراءة وافقت وجها فى العربية ووافقت خط المصحف- أى مصحف عثمان- وصح سند راويها؛ فهى قراءة صحيحة لا يجوز ردها، قال أبو بكر بن العربى ومعنى ذلك عندى أن تواترها تبع لتواتر المصحف ناشئ عن تواتر الألفاظ التى كتبت فيها، قلت: وهذه الشروط الثلاثة، هى شروط فى قبول القراءة إذا كانت غير متواترة عن النبى صلى الله عليه وسلم، بأن كانت صحيحة السند إلى النبى ولكنها لم تبلغ حد التواتر فهى بمنزلة الحديث الصحيح، وأما القراءة المتواترة فهى غنية عن هذه الشروط لأن تواترها يجعلها حجة فى العربية، ويغنيها عن الاعتضاد بموافقة المصحف المجمع عليه، ألا ترى أن جمعا من أهل القراءات المتواترة قرءوا قوله تعالى: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (?) بطاء مشالة أى بمتهم، وقد كتبت فى المصاحف كلها بالضاد الساقطة» (?).