وما هذا البحثُ إلا محاولةً للكشفِ عَنْ منهجِ الإمامِ الدارقطنيِّ، ومعرفةِ الطريقةِ التي كان يَسْلُكَهَا في نقدِهِ للأحاديثِ والآثارِ، ودراسةِ وجوهِ نقدهِ للأخبارِ وتعليلِهَا أو ترجِيحِهَا عن طريقِ السندِ والمتنِ، دراسةً تحليليةً تطبيقيةً لكيفيةِ نَقْد أهلِ الحديثِ للسندِ والمتنِ بخلافِ طريقةِ الملاحدةِ من المستشرقينَ وغَيرهِم، ثم تحليلُ وشرحُ بعض أوجه تعليله للأحاديثِ في سياقِ فهمِهِ لمعاييرِ النَّقدِ، ودراسةِ مصطلحاتِ وألفاظِ الإمامِ الدارقطنيِّ، وأئمةِ النُّقاد والمقارنة بينهم، وفهمُ مقاصدُ عباراتهِم في نَقْدِ الحديثِ، ومعرفةُ معاييرِ الإمامِ الدارقطنيِّ في التعليلِ، وهَلْ هِي مُطَّرِدَةٌ أم لا؟، ومعرفةُ الاتفاقِ أو الاختلافِ بينَهُ وبين النُّقادِ المتقدمينَ.
ولقد سلكتُ في هذا البحثِ عِدةَ محاورٍ لتكوينِ أصلِ هذهِ الدراسةِ، سأجملها فيما يلي:
- الأخذُ في الاعتبارِ مجموعةً من أحكامِ وأقوالِ الإمامِ الدارقطنيِّ في العللِ، ودراستِهَا دراسةً تفصيليةً، ومعرفةُ المقاييسِ التي كانَ ينتهجُهَا الإمامُ الدارقطنيِّ.
- التحققُ من نصوصِهِ وألفاظِهِ في التعليلِ من أصولِ كتبِهِ، أو من النقلِ الموثوقِ بِهِ.
- شرحُ وتحليلُ ألفاظهِ في التعليلِ والترجيحِ، وذلك تبعاً للمعاييرِ والضوابطِ التي كان يسيرُ عليهَا في الحكمِ على الحديثِ بالتعليلِ أو بالترجيحِ.
- بيانُ وجْهُ تَعليلِ أو ترجيحِ الدارقطنيِّ للحديثِ، وذِكرُ الأسبابِ التي جعلته يحكمُ بذلكَ، مع التعليقِ أو مناقشةِ ما ذهبَ إليهِ من الأحكامِ.
- ضَربُ الأمثلةِ من أَوجُهِ انتقاد الدارقطنيِّ للأحاديثِ، واستخراجُ البراهينِ والحججِ التي استندَ عليهَا في التعليلِ أو الترجيحِ.
- الاستشهادُ بقولِ الإمامِ الدارقطنيِّ في غيرِ كتابِ العللِ مِثلُ السؤالاتِ وغيرِهَا لبيانِ برهانِ أو حجةِ ما ذهب إليه في كتابهِ العللَ.
- إجراءُ مقارنةٍ بينَهُ وبين غيرِهِ من أئمةِ العللِ لتمييزِ منهجِهِ، واستخراجُ ضوابِطِهِ، وذكرُ معاني ألفاظِ التعليلِ والترجيحِ لمعرفةِ مرادِهِ وما ذَهبَ إليهِ