المبحث الثاني: القرائن وأثرها في الترجيح.

المطلب الأول: قرائن الترجيح بالأحفظ:

سبق وأن ذكرنا أنَّ منهج الدارقطني والنُّقاد في ترجيح المرويَّات قد يكون بقرينة الأحفظ للرواية والمتقن لها، وتعد هذه القرينة من أشهر القرائن التي كان يستعملها النُّقاد للدلالة على صحة الرواية، أو إعلال وجه من الوجوه، أو ترجيح زيادة على نقصان أو العكس وغيرها، والجدير بالذكر أنَّ هذه القرائن متعددة وكلها تدل على أنَّ الراوي قد حفظ الحديث وضبطه، فمثلاً كونه أعلم الناس بحديث فلان، أو أنَّ في حديثه قصة يسردها قبل المتن كسبب رواية الحديث وهكذا، فإنَّ هناك عدة قرائن تدل دلالة واضحة وقوية على أنَّ الراوي قد حفظ ذلك المروي، وضبطه ضبطاً لا شك فيه، وسنعرض هنا بعض النماذج التي توضح كيفية استعمال الدارقطني والنُّقاد لهذه القرينة في الترجيح:

المثال الأول: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني -: " عن حديث المقبري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَحُدَّهَا وَلاَ يُعَيِّرْهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدَهَا، ثُمَّ لِيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ " (?).

فقال - الدارقطني -: يرويه عبيدالله بن عمر، واختلف عنه، فرواه معتمر بن سليمان، وأبو أسامة، وعبدالله بن نمير عن عبيدالله عن سعيد عن أبي هريرة. واختلف عن محمد بن عبيد الطنافسي، فرواه عنه جماعة، فقالوا: عن عبيدالله عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة بمتابعة الأموي، ورواه آخرون بمتابعة معتمر ومن وافقه، لم يذكروا فيه

أبا سعيد المقبري. وكذلك رواه عبدالعزيز بن جريج، وأيوب بن موسى، وإسماعيل بن أمية، وأسامة بن زيد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015