المثال الثالث: قال الحافظ ابن حجر في النكت: " ومن ذلك ما رواه من طريق هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلْيَمَسَّ أَحَدُهُمْ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالْمَاءُ لَهُ طِيبٌ)) (?).

قال - يعني الترمذي -: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

قلتُ - ابن حجر -: وهشيم موصوف بالتدليس، لكن تابعه عنده أبو يحيى التيمي. وللمتن شواهد من حديث أبي سعيد الخدري وغيره رضي الله تعالى عنهم " (?).

قلتُ: وهكذا قوى الحافظ ابن حجر الحديث الضعيف بسبب عنعنة هشيم وهو ابن بشير أبو معاوية السُلمي (?)، وهو ثقة ثبت كثير التدليس، بمتابعة أبي يحيى التيمي (?) وهو ضعيف، فظهر لك أثر المتابعة في تقوية الحديث عند النُّقاد وهو مسلك اتخذه أهل الحديث على اختلاف مذاهبهم.

وبنهاية هذا المطلب ينتهي مبحث المتابعات وأثرها في الترجيح، وقد ظهر جلياً أثر المتابعات في الترجيح عند الدارقطني والنُّقاد المتقدمين، وأنَّ منهج النُّقاد في تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد واحد لم يختلف من إمام لغيره، وقد ظهر لك أنَّ الدارقطني وغيره من النُّقاد كانت نظرتهم للحديث في النقد شمولية من جهتي السند والمتن على السواء، وليس من جانب الإسناد ورجاله فحسب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015