وقال ابن رجب أيضاً: " وذكر أبو حاتم شيئاً من معرفة الرجال فقال: ذهب الذي كان يحسن هذا - يعني أبا زرعة - ما بقي بمصر ولا بالعراق أحد يحسن هذا! " (?).
وَقَالَ الحافظ العلائيُّ: " وهذا الفنُ أغمضُ أنواعِ الحديثِ، وأدقها مسلكاً، ولا يقومُ بهِ إلاّ مَنْ منحه اللهُ فهماً غايصاً، واطلاعاً حاوياً، وإدراكاً لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلاَّ أفراد أئمة هذا الشأنِ وحُذَّاقهم كابنِ المدينيّ، والبخاريّ، وأبي زرعة، وأبي حاتم وأمثالهم " (?).
وقَالَ الحافظ ابن رجب في فتح الباري بعد ذكره حديث: " مِن رواية أبي إسحاق، عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ، وَلاَ يَمَسُّ مَاءً)) (?).
وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث مِن السلف على إنكاره على أبي إسحاق، مِنهُم: إسماعيل بنِ أبي خالد، وشعبة، ويزيد بن هارون، وأحمد بنِ حنبل، وأبو بكر ابنِ أبي شيبة، ومسلم بنِ حجاج، وأبو بكر الأثرم، والجوزجاني، والترمذي، والدارقطني ...
وأمّا الفقهاء المتأخرون: فكثيرٌ منهم نظر إلى ثقةِ رجالهِ فظنَّ صحته، وهؤلاء يظنون أنَّ كلَّ حديثٍ رواه ثقة فهو صحيحٌ، ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث " (?)