ولهذا كان أمير المؤمنين عليّ _رضي الله عنه_ يسير فيهم بهذه الطريقة, ويناصحهم في الله ولله, ويتلطف لهم في القول لعل الله أن يقبل بقلوبهم, وأن يرجعوا إلى ما كانوا عليه أولا, ويراجعهم المرّة بعد المرّة, كما قاله في خطبتهم لما خطبهم. فقالوا: "لا حكم إلا لله _يريدون بهذا إنكار المنكر على زعمهم_ فقال عليّ: "الله أكبر كلمة حق أريد بها باطل, أما إن لكم علينا ثلاثا ما صحبتمونا: لا نمنعكم مساجد الله أن يذكر فيها اسمه, ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا, ولا نقاتلكم حتى تبدؤنا, وإنا ننتظر فيكم أمر الله".

ولما قيل له: "يا أمير المؤمنين أكفار هم؟ " قال: "من الكفر فروا". فقالوا: "أفمنافقون هم؟ " قال: "إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا, وهؤلاء يذكرون الله كثيرا". قالوا: فما هم؟ قال: " إخواننا بغوا علينا".

فهذه سيرته _رضي الله عنه_ مع هؤلاء المبتدعة الضلال مع قوله لأصحابه فيهم: والله لولا أن تنكلوا عن العمل لأخبرتكم بما قضى الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم لمن قاتلهم, متبصرا في قتالهم, عارفا للحق الذي نحن عليه, ومع علمه بقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: " يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية, ثم لا يرجعون إليه حتى يرجع السهم إلى فوقه " (?) ومع قوله صلى الله عليه وسلم فيهم:" أينما لقيتموهم فاقتلومهم " (?) , " لئن أدركتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015