وقال أيضا _رحمه الله ورضي الله عنه_ من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات, فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة, أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا, وأعمقها علما, وأقلها تكلفا, قوم اختارهم الله لصحبة نبيه, ولإظهار دينه, فاعرفوا لهم فضلهم, وخذوا بهديهم, فإنهم كانوا على الصراط المستقيم. انتهى.
فانظر إلى قوله _رضي الله عنه_: وأقلهم تكلفا. وهؤلاء الجهلة لا يقبلون إلا ممن يضيق عليهم ويشدد عليهم, ولا يقبلون رخصة الله في التيسير وعدم التكلف.
وقال حذيفة بن اليمان _رضي الله عنه_: " كل عبادة لا يتعبدها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها, فإن الأول لم يدع للآخر مقالا.
فاتقوا الله يا معشر القراء! وخذوا طريق من كان قبلكم". رواه أبو داود. انتهى.
ثم اعلم _وفقك الله_ أنه قد بلغنا وسمعنا أشياء كثيرة من هذه البدع والمنكرات المحدثة في الدين, التي أحدثها من أحدثها من أزمان تتطاول, فلم تنكر حتى فشت في الناس.
كما قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين _رحمه الله_ في بعض رسائله: وما أخوفني على من عاش أن يرى أمورا كثيرة لا منكر لها.
فلما لم تنكر هذه البدع ابتداء وتركت تفاقم الأمر, وفشت في كثير من العوام من الأعراب وغيرهم, حتى صعب إخراجها من قلوبهم. ولما أنكرنا شيئا منها, قال بعضهم: هؤلاء يميتون السنن.