فأما ما لم يخرج من الملة كارتكاب ما حرمه الله من الذنوب والمعاصي كالظلم والفسق والكذب وقول الزور وغير ذلك مما كفّر به الخوارج وغيرهم من أهل البدع, كالمسائل التي أجبنا عنها أولا, فمن زعم أن ما أجمع عليه الصحابة والتابعون والأئمة المهتدون هو الترخص المذموم الذي من فعله فقد تزندق فقد أعظم الفرية على الله ورسوله وعلى ما أجمع عليه الصحابة والتابعون والأئمة المهتدون, وأن ما قاله هؤلاء المتعالمون الحيارى المفتونون, والناقصون المنقوصون, هو الحق والصواب لأن فيه تضييقا وحرجا على الأئمة فقد غلا وتجاوز الحد واتبع غير سبيل المؤمنين _فإن سبيل المؤمنين هو ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال عبد الله بن مسعود _رضي الله عنه_: من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات, فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة, أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا, قوم اختارهم الله لصحبة نبيه, ولإظهار دينه, فخذوا بهديهم, واعرفوا لهم فضلهم, فإنهم كانوا على الصراط المستقيم, وكذلك ما كان عليه التابعون ومن بعدهم من الأئمة المهتدين.
ومن سلك سبيل المؤمنين الذي من سلكه كان على الصراط المستقيم ما ذكره الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب _رحمه الله_ في كتابه "المحجة في سير الدلجة" حيث قال _رحمه الله تعالى_:"الثاني أن أحب الأعمال إلى الله ما كان على وجه السداد والاقتصاد والتيسير, دون ما كان على وجه التكلف والاجتهاد والتعسير, كما قال