الفصل السادس: مظاهر احتياط الصحابة في قبول الحديث الشريف 1

كما احتاط الصحابة في التحديث احتاطوا أيضًا وتثبتوا في قبول الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خشية الوقوع في الخطأ، ومن مظاهر ذلك ما يلي:

الأول: طلبهم شاهدًا على السماع: قال الحافظ الذهبي: كان أبو بكر -رضي الله عنه- أول من احتاط في قبول الأخبار، فروى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تُورث، فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئًا، وما علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر لك شيئًا، ثم سأل الناس، فقام المغيرة فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيها السدس، فقال له: هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه2.

وروى الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: "كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثًا، فرجعت فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع"، فقال: والله لتقيمن عليه ببينة3، أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أُبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه، فأخبرت عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك4، فقال عمر لأبي موسى: أما إني لم أتهمك؛ ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015