وفي مصر: عبد الله بن وهب "125- 179هـ".
ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم ممن نسجوا على منوالهم1.
وكانت معظم مصنفات هؤلاء ومجاميعهم تضم الحديث الشريف وفتاوى الصحابة والتابعين، وأظهر مثال لذلك موطأ الإمام مالك الذي يجمع الحديث وفتاوى الصحابة والتابعين وعمل أهل المدينة2، غير أن الإمام مالكًا تحرَّى الصحة في موطئه فلم يُخرج فيه إلا صحيحًا، وما كان من مراسيل أو بلاغات ونحوها فقد وقف عليها الأئمة موصولة وصحيحة "أو حسنة" في مصنفات أخرى، وقد التزم الإمام مالك في الموطأ بتخريج روايات الثقات الذين لا ينزل حديثهم عن درجة الحسن بحال، وأما غير الإمام مالك -ممن صنفوا في عهده- فلم يلتزموا ذلك في مصنفاتهم.
وذكر الدكتور عجاج الخطيب أن أمير مصر عبد العزيز بن مروان "ت85هـ" والد "عمر" حاول التدوين الرسمي للسُّنَّة، وذلك حين بعث إلى عالم حمص التابعي الكبير "كُثير بن مرة الحضرمي" وكان أدرك سبعين بدريًّا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحمص: "أن يكتب إليه بما سمع من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحاديثهم إلا حديث أبي هريرة فإنه عندنا"؛ ولكن المصادر لم تخبرنا عن امتثال كُثير لهذا الطلب ... فيكون التدوين الرسمي في عهد ابنه عمر، ومن ذلك الوقت اهتم الرواة بالتدوين الذي شاع في أرجاء المدن الإسلامية.