خطبة أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والخلفاء هلم جرًّا إلى يومي هذا فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه في عائشة.

وقال موسى بن طلحة: ما رأيت أحدًا أفصح من عائشة1، وقال معاوية: والله ما رأيت خطيبًا قد أبلغ ولا أفصح من عائشة2.

وقالت عائشة: قُبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضَها3، اشرأَبَّ النفاق بالمدينة وارتدت العرب، فوالله ما اختلف المسلمون في لفظة إلا طار أبي بحظها وغنائها في الإسلام، ومن رأى ابن الخطاب علم أنه خُلق غناءً للإسلام، كان والله أحوذيًّا نسيج وحده قد أعد للأمور أقرانها.

ودخلت عائشة -رضي الله عنها- على أبيها أبي بكر الصديق في مرضه الذي مات فيه فقالت: يا أبتِ، اعْهَد إلى خاصتك، وأنفذ رأيك في سامتك4، وانقل من دار جهازك إلى دار مقامك، وإنك محضور، ومتصل بقلبي لوعتك، وأرى تخاذل أطرافك وانتفاع لونك وإليَّ تعزيتي عنك، ولديه ثواب حزني عليك، أرقأ فلا أرقى5، وأبل فلا أنقى، وأشكو فلا أشكى. فرفع رأسه وقال: يا بنية، هذا يوم يجلى فيه عن غطائي وأعاين جزائي، إن فَرَح فدائم، وإن تَرَح6 فمقيم، إني اضطلعت بإمامة هؤلاء القوم حين كان النكوص إضاعة والحزم تفريطًا، فشهيدي الله ما كان هبلى إياه. تبلغت بصفحتهم وتعللت7 بدَرَّة لقحتهم وأقمت صلاتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015